الأربعاء، يناير 20، 2010

ما أروع و أسوأ أن تكون امرأة


بكل مهل .. تمرر المقص الصغير على ورق تغليف الهدايا ، تضع جهازها المحمول بجانبها و قد فتحت صفحات كثيرة عن طريقة التغليف ، تشرع في العمل بكل حذر و عناية و على وجهها ابتسامة جذلى .
على ورقة فارغة تكتب عبارتها الأثيرة و شيئا من عاطفة مشحونة ، تعاود كتابتها تحت بعضها ،تفتح الصفحات محتارة أي خطوطها تختار ؟ ، ثم محتارة بأي الألوان تكتب ؟ ثم بشكل البطاقة الذي ستكتب فيه ، ساعة كاملة مضت قبل أن تدس هديتها في كيس فخم أنيق ثم تحبك خطتها ،ستخبئه في حقيبة اللابتوب فيتفاجأ به وقت عمله ، ماذا لو لم يفتح الحقيبة و اكتفى بحاسوبه المكتبي ؟ ستخبئه في حقيبة العمل مع الأوراق و الملفات المزعجة لتسعد روحه المستاءة من الدوام ، ماذا لو ... نصف ساعة أخرى من التفكير و الحيرة انتهت بها إلى التسلل و وضعه في السيارة ، بجواره ، في مقعدها الذي تحب لأنه يدنيها منه ، أسندت رأسها إلى الوسادة و دقات قلبها تكاد تخرجه من مكانه .

* * * *


خمس رسائل واردة
بيد مرتجفة و روح متحفزة تفتح الصندوق الوارد ، تتفحص أسماء المرسلين ، هل يوجد من بينها (روح الروح) ؟ ربما يعد شيئا يكتبه ، تضع الهاتف بجانبها و ابتسامة حبيسة في داخلها ، سابحة ًفي أحلام جميلة تتمنى فقط لو تملك كاميرا سحرية تمكنها من مشاهدة ردة فعله ، حتى أنها نسيت أن تقرأ رسائلها الواردة .

*****

بدأ القلق يساورها .. هل يعقل أنه لم ينتبه إليها ؟ لكنها على المقعد واضحة كضوء الشمس ، أكيد كان ضجرا مشغول البال فقد بدا مرهقا حين خرج ، ربما تشغله مشاكل العمل ، فلم يلتفت إلى يمينه ، و لكن لماذا لا يتلفت إلى يمينه كل صباح ليتخيلني بجانبه و يطبع قبلة في الهواء يوصلها بالسلامة إليّ ؟ (لا تكوني سخيفة حين كنت تستيقظين للجامعة لم يكن هناك (أقرف) من نفسيتك في وقت الصباح ) ( صحيح ، لكنني كنت قادرة أن أحب ، أن أفكر بحب ، أن أتأمل الدنيا حولي بحب هي فقط الخمس دقائق الأولى بعد الاستيقاظ التي كانت مزعجة) (لديه ما هو أهم من الحب) (و ما يمكن أن يكون أهم من الحب ؟) (الحياة و السعي وراءها) (الحب هو جوهر الحياة هو الوقود الذي يدفع المرء إلى الحياة هو الهواء الذي نتنفسه ..الملجأ الذي نأوي إليه إن جزعنا و تعبنا و (قرفنا) ... أنا أتضايق فأرسمه هو في مخيلتي .. أتضايق فأتصل به لأسمع صوته .. أتضايق فأبعث له برسالة .. الحب هو شفاء الصدور) ( الوضع مختلف .. أنتِ امرأة و هو رجل) (و الرجل لا يحب ؟ ) ( يحب بطريقته الخاصة) (لكني أرى رجالا حولنا يحبون نساءهم بطريقتهن الخاصة ) ( لماذا تمدين عينك ؟ هه ؟) ( لأني أحب أن أحس بأنه يحبني كما أحبه .. هل يحبني أصلا ؟ أشك في ذلك .. لم أحس يوما بأنه أحبني .. لو يحبني لالتفت إلى يمينه ليعطي خيالي و مقعدي الخالي قبلة صباحية و لانتبه للهدية و لاتصل علي أو بعث لي برسالة .. لكنه لا يحبني ) ( .....؟؟...!!. ) .

******

أمام التفاز تقطف أوراق البقدونس و تفكر .. إن كان لم يرها في الصباح فمؤكد أنه سيلمحها وقت عودته ظهرا .. بجانبها هاتفها تحسبا لأي طارئ .. تنتفض مع كل نغمة ، تهتز لكل صوت يصدره ، و تشعر أنها تود لو تعرف ماذا حدث معه .. كل دقيقة تحدث نفسها ... من يدري قد يأتي صوته الآن .
(مالذي أريده بالضبط ؟ ) (تريدين : شكرا) ( هل فعلتُ كل هذا لأنني أريد فقط "شكرا" ؟ ) ( ربما تريدين قول أحبك بطريقة أخرى ) ( مالفائدة من قول أحبك بطريقة أخرى؟ ) (تجديد ) (تجديد في ماذا ؟ ) (تجديد في الحب .. كما و نوعا ) (أي حب ؟ هل وُجد حب أصلا ؟ ) ( إذن لماذا فعلتي كل هذا ؟ ) ( لأسمع "أحبك" صادقة و مخلصة بالطريقة التقليدية القديمة ! )

*******

روح الروح يتصل بك ...

بكل خفة تلتقط هاتفها و الريموت كنترول معا ، ترد بلهفة و هي تخفض من صوت التلفاز ....

( شفتي مديري رفض يعطيني الإجازة .. ابغى اللستة اللي عطاني ياها ابو حمد.. نسيت بطاقتي في البيت .. ارسلي لي الأرقام اللي سجلتها أمس ..موجودة في الدرج الأول من المكتب في ورقة صفرا .. ايه .. لا تجهزين الغدا ما رح اتغدى في البيت ..عندنا شغل .. وش هالهدية ... والله انك فايقة و رايقة ..متى امداك تحطينها في السيارة هههههه حركاتك .. بفتحتها و انا راجع .. مع السلامة )

متسمرة إلى أوراق البقدونس المقطوفة .. و تحت تأثير خلفية صوتية خفيضة من التلفزيون .. تشعر أن خلايا قلبها مقطوفة مثلها

(كنت اظن الريح جابت ..
عطرك يسلم عليّ )


لكن .. لكن .. لماذا ؟
لماذا لا توجد لهفة شديدة لمعرفة ما بداخل الكيس ؟ لقراءة ما كتبته على البطاقة ؟

(كنت أظن الشوق جابك )

لماذا لم أسمع شكرا ؟

(تجلس بجنبي شوي )

لم أسمع "أحبكِ" ؟

(كنت أظن ... )

و حماسي الذي قضيته البارحة بين الأوراق و المواقع ؟

(و كنت أظن ... )

شغفي لمعرفة ردة فعله ؟

( و ما بقى بالعمر شي .... )

عطشي للحب مسموعا بصوته ؟

( و احتريتك )

تك ... أغلقت التلفاز ،
و وضعت أوراق البقدونس المقطوفة في الثلاجة .