السبت، يونيو 21، 2008

ما مر يوم و الفؤاد ليس فيه جوع


الماء بارد . أبرد من جباه الخاملين . يدفعه فم المغسلة إلى البالوعة فلا يعترض أو يتملص أو يتشظى لأنه مقيد . يغريه الشوق، يدعوه نحو أفق رحيب ، فيفقأ الماء عينيه خوفاً من النور غارقاً في الظلام . لكنّ فؤاده يشتعل ، يكاد يبصر بحواسه الأخرى العشب أشد خضرة خلف السور ، و لا يهرب . ينقر حاجز الصنبور الحديدي برفق و يحاول أن يتأكد : أنا السجين هاهنا ؟ أم ذلك الحارس بالجوار ؟ فكل ما يفصلنا جدار .

يعود من البالوعة إلى الصنبور ، من الصنبور إلى البالوعة ، و يدور الماء .






الماء ساخن .

لا يسمح لأحد بالاقتراب ، غاضب يلسع أي يد دون سبب ، لا وقت لديه للشرح ، أنا و من بعدي الطوفان ، يذيب كل من يحاول أن يتعرف على عالمه ، السكر غبي و القهوة وحيدة و الشاي وضيع ،

لماذا كان على هذه الأشياء أن توجد ؟ يحرقها لأنها مرغوبة و هو لا يستطيع أن يكون لذيذا ً وحده .

أنا لا أحتاج لأحد !

ينكفئ على نفسه ،

يغلي يغلي يغلي .. و يتبخر .






الماء مالح .

بكميات هائلة هائج دون نزق ، بكل روعة الغضب الجميل ، متفهم بلا عجز ،أمواجه تثور لا تحتمل الظلم و القيد ، و ذراعاه تحضن في المساءات الرفاق ، تهمس للقمر و تحمل إلى السطح فضول الصغار المتعطشة للهواء والليل .

لكنه مالح جدا . موضوع للفرجة ، للأنس و المتعة و الركوب .. غير صالح للاستهلاك ال ..

من وضع كل هذا الملح في مساحات الجسد الجميل ؟

يتساءل وحده و يتناثر الملح على وجنته .



الماء عذب

لكنه يهطل من السماء .





الماء المسكين لا يعرف كيف يروي نفسه

فقط ..

كل يوم حين يعشب الثرى .. يجوع .







الثلاثاء، يونيو 10، 2008

لا مشكلة لدي


لا يدهشني أن صديقي أَنْبَتَ قَرْناً في رأسه

وأُحِبُّ بَراعَتَهُ في إخفاء الذيل الواضحِ تحت ملابِسِهِ

وهدوءُ مخالِبِهِ يُعجبني

قد يفتك بي،

لكني سوف أسامحه

فهو صديقي *






المغفرة

نمنحها للأحباب ،

للأصدقاء ،

و أيضاً للناس الأصفار الذين نمحو أخطاءهم لأننا بالكاد نعرف من هم ،

لا يوجد متسع في القلب للوم و العتاب

إنهم أصفار كثيرة مجتمعة تتقافز و تدور و تلعب الغميمة و تهرج

و نحن واحد عظيم نبيل يقف من علو يتفرج عليها ، يتبسم ، و لا يدهسها .






يا إخوة القلب .. لم أبرح أعوذكم

في الحب أن تخلطوا ملحاً بسكرة ِ

إني صفحت فلا تستنهضوا سبباً

يسعى إليّ على أقدام معذرةِ

ما كان "يوسف" أحلى في وسامته

من الوسامة في صفح ٍ و مغفرة ِ **





*مريد البرغوثي

**جاسم الصحيح

الأحد، يونيو 08، 2008

بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها = تنال إلا على جسر من التعب

هيمانُ "بالراحة الكبرى" .. و جنّتها
ظمآنُ للمجدِ في كأس ٍ من الحُرَق ِ


مشتاقُ! هل من رسولٍ مدلجٍ حذر ٍ

يقطّر الهمسَ في آذان مُسـترق ِ ؟


كأنّ أضواءَ هذي الشهبِ قائلة ٌ
:
إلي ّ! شدي وثاق العزم ِ ..واستبقي


لا شيء ، في غرفتي الجوفاء ،
يُبلغني
إلا الحرابَ ، حرابَ السحر و الألق ِ


أهوى الحياةَ هوى خرّيدة ٍ عشقت

فغُيّبت في دوار الحبّ
.. لم تُفق ِ

حب الحياةِ غريب الطعمِ.. ذو طمع ٍ

مقتّر البذلِ.. معطاء الهموم ِ.. شقي



كم ذا وجدتُ سهامَ المجدِ خائنة ً

غدّارة ً ..تطرق الأبوابَ في الغسق ِ


تعبّ كفّ صديق ٍ .. من كنانتها

و تدفن الشمس في خلخالها القلِق ِ


و ساهر ٍ ضجّ في أصغريه ِ هوىً

بقُبلة ِ النجم ِ في أمن ٍ من الطرق ِ


قد أخطأتهُ دروبُ العزّ ِ ضاحكة ً

من قلبهِ الرثّ ِ ..من أسمالهِ المِزَقِ


.

.

.


إن جئتُ ، يامجدُ، يوماً أمتطي تعبي

و أشربُ الحارقَ
الهطّالَ من حُدقي

فغط ِّ عُريَ زنودي .. ثمّ خذ بيدي

و نفّض الحزن و الأشواكَ عن خِرقي


قل لي عن الكونِ..حدّثني ..كيف يُرى ؟

سرْ بي على السورِ نجلو
شرفةَ الأفق ِ

قدني إلى الشُّهبِ
.. صغ لي بضع أرديةٍ
من
الغيوم .. و تاجاً من سنا الشفقِ


و اروِ
جدبَ فضولي .. و اشفِ أسئلتي
و غضّ طرفكَ عن
موّالها النّـزِقِ

.

.



أو غبتُ ، يا مجدُ، يوماً فأتِ في حلمي

لا بأسَ في
مجدِ رسّام ٍ على الورق ِ .

السبت، يونيو 07، 2008

مغذي




صوته
لا أدري أي سائل يحمله هذا المغذي
الشعر أم الذكريات .


جنّي جنّي يا عيوني




اليوم خانتني التعابير لما اكتشفت إلى أي حد تدهورت حالتي .

أنا أضخم الأمور أحيانا ً لكن التضخيم قد يعطي معنى .

صرت أتخيل أشياء غير موجودة و أحلم في شبه حقيقة أن جنيا يريد أن يدخلني ، و عندما يرن هاتفي بنغمة رسالة أرى ظرفا كبيرا يخرج من الجوال و يقبل إلي مبتسما ، و أكثر من مرتين سمعت قهقهة عالية في أعماقي قهقهة تشبه ضحكات الأشرار في الكرتونات ، و أصبحت ردات فعلي تجاه المواقف المحزنة مضحكة جدا ، و تجاه المواقف المضحكة لاشيء ، و كأن الحزن هو أكثر شيء يبعث على الضحك ، و صرت أتحدث مع نفسي أكثر من اللازم باليدين و الرجلين ،

و لما نادتني أمي بصوت مرتفع انتفضت و رثيت لحالي لأني لا أحب أن أراني في وضع مسكنة و دائما أرى في المسلسلات عن الناس المصابين بهيستيريا حقيقية يضحكون و يبكون في نفس الوقت ، لكني عندما تحدثت إلى أمي بصوت متحشرج قلت لها أنني أضحك و الدموع تنزل من عيني ، و للآن لا أعرف فيما إذا كنت أبكي أم أضحك ، الحالة فعلا مخيفة تأكدت إلا قليلا أنني مجنونة و فكرت جديا بمهاتفة الطبيبة النفسية التي أحتفظ برقمها في ركن قصي من درج مكتبي . لكن أكثر ما يخيفني في فكرة مهاتفتها أن تؤكد لي أنني طبيعية لا أشكو من شيء . أليس هذا بحد ذاته جنونا ؟

لا أخشى أن يصيبني شيء ، لكن أخشى أن يصيبني ما لا أستطيع تشخيصه .

الحمدلله على الأقل لا أزال قادرة على وصف حالتي بدقة .